[fusion_builder_container hundred_percent=”no” hundred_percent_height=”no” hundred_percent_height_scroll=”no” hundred_percent_height_center_content=”yes” equal_height_columns=”no” menu_anchor=”” hide_on_mobile=”small-visibility,medium-visibility,large-visibility” class=”” id=”” background_color=”” background_image=”” background_position=”center center” background_repeat=”no-repeat” fade=”no” background_parallax=”none” enable_mobile=”no” parallax_speed=”0.3″ video_mp4=”” video_webm=”” video_ogv=”” video_url=”” video_aspect_ratio=”16:9″ video_loop=”yes” video_mute=”yes” video_preview_image=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” margin_top=”” margin_bottom=”” padding_top=”” padding_right=”” padding_bottom=”” padding_left=””][fusion_builder_row][fusion_builder_column type=”3_4″ layout=”1_3″ spacing=”” center_content=”no” link=”” target=”_self” min_height=”” hide_on_mobile=”small-visibility,medium-visibility,large-visibility” class=”” id=”” background_color=”” background_image=”” background_position=”left top” background_repeat=”no-repeat” hover_type=”none” border_size=”0″ border_color=”” border_style=”solid” border_position=”all” padding_top=”” padding_right=”” padding_bottom=”” padding_left=”” dimension_margin=”” animation_type=”” animation_direction=”left” animation_speed=”0.3″ animation_offset=”” last=”no”][fusion_title margin_top=”” margin_bottom=”” hide_on_mobile=”small-visibility,medium-visibility,large-visibility” class=”” id=”” size=”1″ content_align=”left” style_type=”none” sep_color=””]
Listen
[/fusion_title][fusion_soundcloud url=”https://soundcloud.com/user-166810970/tabarra-biddemm” layout=”classic” comments=”yes” show_related=”no” show_user=”yes” auto_play=”no” color=”#ff7700″ width=”” height=”” hide_on_mobile=”small-visibility,medium-visibility,large-visibility” class=”” id=”” /][fusion_separator style_type=”single solid” hide_on_mobile=”small-visibility,medium-visibility,large-visibility” class=”” id=”” sep_color=”#00bcd4″ top_margin=”15″ bottom_margin=”15″ border_size=”” icon=”” icon_circle=”” icon_circle_color=”” width=”” alignment=”center” /][fusion_title margin_top=”” margin_bottom=”” hide_on_mobile=”small-visibility,medium-visibility,large-visibility” class=”” id=”” size=”1″ content_align=”left” style_type=”none” sep_color=””]
Listen and Read
[/fusion_title][fusion_text]
تبرَّع بالدم
[/fusion_text][fusion_text]
– هلَّا تهدأُ قليلًا يا مصطفى، انظر، الأستاذ يوسف يراقبنا من وراء النافذة ونحن نلعب كرة القدم هنا، إنّها لعبة، وليست معركة حياة أو موت.
لم يهْتَم مصطفى بهذا الكلام، بل إنّ هدفه من اللعب الفوز، فلا بُدَّ أن يحرص عليه، فهو يُعاقِب المخطِئ فورًا، وإذا غضب تجنَّبه أصدقاؤه والفِرَق المنَافِسَة أيضًا؛ ومَنْ لا يُمَرِّرُ الكرةَ في الوقت المناسب أو لا يتَّخِذُ موْقعًا مناسبًا للتَّهْديف ينالُ نصيبَه مِن تَوبِيخِه.
وأخيرًا دقَّ الجرس وانْتهت المباراة، فراح الطلاب يُبَدِّلون ملابسَهم في غرفة الملابس، وفيهم المنزعج والهادئ، وجميعهم يتَصَبَّب عَرَقًا، وكانوا يختلسون إلى مصطفى وهم مرهقون، ولا يجرُؤ أحد منهم أن يتحدَّث معه في هذا الأمر، حاول بعض أصدقائه نُصحه أكثرَ من مرَّة، إلا أنَّه إحتد عليهم بالقول، فتوقفوا عن نصحه.
مسح سالم يده ووجهه، وأخذ يراقب مصطفى في رهْبة وخوْف، فهما يجلسان في مقعد واحد، وكان هو حارسَ مرمى فريقِ مصطفى في المباراة التي جَرَتْ قبْل قليل، وسُجِّل هدف في مرماه في بداية المباراة، فغضب مصطفى، وإحتد على سالِم والمعلمُ يشاهدُه، ورغم ذلك لم يردَّ عليه سالمٌ، واستمرَّ في اللعب وهو حزين.
مصطفى طالب في الثالث الإعدادي، مجتهد متفوِّق جدًّا، قويّ، ضخْم مقارنةً بزُملائِه في المدرسة، ويعامل أصدقاءه بالحسنَى لكن عندما يلعب كرة القدم تسوء معاملته لهم، فمن لا يرَى أخلاقه في ساحة الملعب يصفه بأنه لطيفٌ ومَثَلٌ أعلى في تجنبه للخلاف مع زملائه في الفصلِ وخارجه.
وعندما خرج الأستاذ يوسف من الدَّرْس الأخير نادى مصطفى وسالمًا:
– هيَّا نشرب معًا كوبًا من الشَّاي ونتَحدَّث قليلًا إن لم تكونا مُسْتَعْجِلَيْن، ما رأيكما؟
مصطفى:
– أستاذي، أريد أن أذهب اليوم إلى البيت مبكِّرًا، فهل يمكن أن نؤجِّل دعوة الشاي إلى غدٍ؟
الأستاذ يوسف متبسمًا:
– حسنًا! تفضَّل، وسأشرب كوب الشاي مع سالم أيضًا،
ما رأيك يا سالم؟
أشار سالم برأسه:
– حسنًا.
وانطلق مصطفى إلى المنزل وحده وهو مُتعب، ولا تكاد قدماه تحملانِه؛ وكانت الحقِيبةُ على ظهره تزداد ثقلًا كلما مشى؛ وبينما كان يتابع سيْرَه، أذَّن المؤذِّن لصلاة العصر، فتردَّد بين الذَّهاب إلى المسجد ومواصلة الطريق، وفكَّر قائلًا:
أنا اليوم متعبٌ جِدًّا، لذالك سأصلِّي في البيت، وأسرع الخُطى، ولما انتهى الأذان سُمِع مِن مكبِّرات صوتِ البلديَّة منادٍ ينادي:
– يا إخوة نحتاج دمًا من فصيلة”B سالب” لمريض يُعالج في مستشفى الشفاء الحكومي، ونرجو من الرَّاغبين فى التَّبرع بالدم التوجُّه إلى المركز فورًا.
توقَّف مصطفى، وأغمضَ عينيه، وأصغى للنّداء مرة أخرى، ففصيلةُ دمِه”B سالب”، والمستشفى الذي ذُكِرَ في نهاية الشارع، ثم واصَلَ سيرَه، ولما بلغَ باب المنزل سمع النداء مرة أخرى، دَقَّ جرسَ المنْزل متردِّدًا، وكان يحاول مقاومة رغبتِه في التوجُّه إلى مركز التَّبرُّع بالدم، وعندما فُتح الباب، دخل بسرعة إلى البيت، وألقى الحقيبةَ عن ظهره، دون أن ينظر ولو إلى وجه أمِّه التي استقبلتْه، وقال عند دخوله:
– كم أنا متعب اليوم يا أمي؟ الأفضل أن أرتاحَ قليلًا حتى يحين موعد الغداء.
فذهبت أمُّه من خلْفه، وأخذَت الحقيبةَ فعلقتها على شماعة الملابس وقالت:
– يا ولدي، تردّد نداءٌ منذ قليل، يطلب دمًا فورًا لمريض في خَطَر، أليست فصيلة دمِك”B سالب”؟
ألقى مصطفى بنفسه على الوسادة وقال:
– أمي العزيزة، أنا الآن متعَبٌ، لذا لم أذهب إلى المسجد، آه! صحيح، أيقِظيني بعد قليل لأصلِّي.
ألَحَّتْ أمه، وقالت:
– يا بُنَي، المستشفى قريبٌ، وهم يقولون: الدم مطلوب فورًا، أرجوك أن تراعي حرمة الإنسانيّة ولا تتقاعس.
مصطفى بصوت مرتفع:
– أمِّي، قلت لك إنَّني مُتْعب! وأنا لسْت الوحيد الذي يحمل فصيلة الدم هذه، فكثيرون سمعوا هذا النداء، وسيذهبون للتبرع بالدم، فلا تحزني.
سكتَتْ أمه، وذهبت إلى المطبخ، فتمدَّد مصطفى وأخذ ينظر إلى السَّقْف، وكان ضميره يؤنِّبُه، ثم فكر لحظات وقال في نفسه: أَأَذْهب يا ترى؟ ثم اعتدل جالسًا، وقال في نفسه: لا، عليّ أن أنام قليلًا، وعندما أستيقظ سأصلِّي، ثم أذهب لأتبرَّع بالدم.
وبينما كان يُغمِض عينيه، تردَّد النداء مرَّة أخرى عبْرَ المكبِّرات:
– يا إخوة، فصيلة دمًا”B سالب” لمريض يُعالَج في مستشفى الشفاء الحكوميِّ.
استغرق مصطفى في النَّوم، دقَّ الجرس طويلًا، فخرجت السيدة مروة من المطبخ، وأسرعَت نحو الصَّالة، فوجدت ولدها نائمًا، فذهبت لتفتح الباب، وكان الجرس يدقُّ بشدةٍ، فلم تَحْتمل، ونادت:
– ما هذا؟ لِمَ كلّ هذا الرّنين! ها أنا قادمة.
فتحَت الباب، فتفاجأت بسالِم، فقالت:
– ماذا جرى يا سالم؟
كان سالمٌ يتَصَبَّب عرقًا، وأنْفاسه تتقطّع، فقال:
– خالة مروة، أدركيني.
– ماذا حدث يا ولدي؟ قُلْ، أخبرني ماذا حدث!
– العمّ صادق.
_ ما لَه يا بُنيّ؟!
_ نُقِل إلى المستشفى.
صعقت الخالة مروة ولم تستطع أن تقول أيّ شيء.
سالم:
– كان يسير على رصيف الحيِّ المجاور، فسقط على رأسه حجر من مبنى أَثَريّ هائر، وهو الآن في المستشفى، هيَّا أسْرعِي، فإصابته خطيرة جدًّا.
استيْقظ مصطفى على صوت الضَّجيج، ولم يسمع غير كلمات سالمٍ الأخيرة، فهبَّ مسرِعًا نحو الباب:
– وا أبتاه!
راح مصطفى يجري نحو المستشفى، وتقدّم على أمِّه وعلى سالِم، ولما وصل أخذ يتلَفَّت هنا وهناك، وكالمجنون:
– أبي، أبي، أين أبي؟ هل رأيتُم أبي؟
لحِق به سالم، فهدَّأه ثم لحقت بهما السيدة مروة.
كان الأستاذ يوسف ينتظر في المستشفى، فلما رآه مصطفى عانقَه ودموعه تسيل قائلًا:
– أين أبي، أين أبي؟
أمسك الأستاذ يوسف بيد مصطفى وقال:
– لا تخَف يا مصطفى، فأبوك الآن في غرفة العَملِيَّات، ومعه الأطباء، المشكلة أنَّه نزَف كثيرًا.
وفاضت عينا السيدة مروة بالدموع، ولسانها لا ينطق إلا بكلمة واحدة:
– اللهم إنى لا أسألك رد القضاء، بك أسألك اللطف فيه، اللهم اشف زوجي.
نظر مصطفى إلى الأستاذ يوسف، وتأوَّه قائلًا:
– أستاذي…
فابتسم الأستاذ يوسف، وقال:
– كنّا أنا وسالم نشرب الشَّاي في الحديقة، ولما سمعْنا النِّداء أسرعْنا إلى المستشفى، لأنّ فصيلة دمي”B سالب”، ولم أكن أعرف أنَّ المريضَ والدُك، وسالِم هو من أخبرنى بذلك.
نظر مصطفى إلى سالم، وتذكَّر كلماتٍ أزعجه بها في مباراة الأمس.
وتابع الأستاذ يوسف حديثَه:
– على كل واحد أن يعرفَ فصيلةَ دمِه، فقد يأتي يومٌ نحتاج فيه لمساعدة الآخرين، ولا شكَّ أنَّ خيرَ الناس أنفعُهم للنّاس.
طأطأ مصطفى رأسه، فسأله الأستاذ يوسف:
– صحيح يا مصطفى، ما هي فصيلة دمِك؟
أطرق مصطفى لحظةً، وكأنَّه يتذكر صدى صوت النداء الذي سمعه وهو عائد من المدرسة، ثم انْتَفَض، ولم يجد ما يقوله، وتذكَّر حينئذ أنه لم يصلِّ العصر حتى الآن:
– ها، هل أجد هنا مُصلّى، لأصلي فيه العصر؟
أجابتْه ممرضةٌ مرّت بجانبه:
– في الطابق الثاني مُصلّى صغير، يمكن أن تصلِّي فيه، وإن لم تكن متوضئًا فهناك ميْضَأة بجانبه.
نكس مصطفى رأسه واتّجه نحو الميضأة، وكان يحدِّث نفسه قائلًا: فصيلة دمي”B سالب”، ولكنَّني بدأت أشكّ في نفسي: هل ماتت الإنسانية داخلى! تكاسلت عن نجدة المحتاج فوجدت المحتاج هو والدى، فما أعَقَّنِى من ولدٍ لوالده، اللهمَّ اعفُ عني، اللهم تُبْ عليّ وأصلِح حالي، ووجِّه قلبي لفعل الخيرات، وحسِّن خُلُقي، وحبّبني إلى خلقك وحبِّب خلقَك إلى قلبي.
[/fusion_text][/fusion_builder_column][fusion_global id=”4063″][/fusion_builder_row][/fusion_builder_container]